الرياضيات العربية والرياضيات السينغافورية

الرياضيات السنغافورية والرياضيات العربية

منذ فترة طويلة وأنا أراقب تعديل مقررات الرياضيات حتى أصبح عندي قائمة مما يمكن أن أطلق عليه اسم "الخيانات العظمى" وهي موثقة والحمد لله .
كان يكتب على الغلاف الأيمن لمقرر الرياضيات أعدّته "الجامعة الأمريكية ببيروت " ثم بين عشية وضحاها وجدنا مرقوما على الغلاف إعداد فلان وفلان ثم بعد فترة وجيزة تغير الأمر بل تطورت الجريمة حتى أصبحنا نرى مرقوما على الغلاف تأليف !! فلان وفلان .....
ثم جاء النظام المطور في عهده الأول فشتتت !! الموضوعات على عدة كتب وفي هذه المرة كتب على الغلاف في كل كتاب إعداد فلان وفلان .. طبعا أسماء جديدة .. ثم ألغي النظام المطور ثم لمّ شمل الموضوعات من جديد وتكررت الجريمة نفسها حيث كتب على الغلاف هذه المرة تأليف فلان وعلان !!
قصة طويلة وفصولها محزنة بكل ما تعني الكلمة ... وبعد هذا نريد أن نتطور .
أن التطور الحقيقي للتعليم يعتمد على تطوير المنهج وتطوير المعلم وما دمنا نجامل بعضنا في هذين الجانبين فلا يمكن للتعليم أن يتطور .

سر التقدم :
بلد كسنغافورا أصبح رمزا للتقدم في مجالات عدة ومنها مجال الرياضيات .. اتخذت وزارة التربية في سنغافورا شعارا مميزا "نصيغ مستقبل أمتنا " وكانت أول انطلاقة لوضع منهج مطور للرياضيات يتناسب مع خططهم المستقبلية عام 1981م لكنهم لم يقفوا عند هذا الحد بل لا يزالون يجرون تعديلات على المنهج في كل عام تقريبا ..لاحظ معي تعديلات على المنهج وليس على غلاف المقرر .
الطالب السنغافوري وما أدراك ماهو ..هذا الطالب الذي يمثل نتاج عملية تربوية مطورة استطاع أن يتفوق على أقرانه في مسابقة الرياضيات العالمية وحصل على المركز الأول من بين أكثر من 200 ألف متسابق .
وهذا لم يكن بالصدفة لأن سنغافورا لازالت محافظة على المركز الأول بل في إحدى المسابقات حصل على الدرجة الكاملة تسعة طلاب كان منهم ستة طلاب من سنغافورا من بين قرابة نصف مليون شاركوا في هذه المسابقة .

سر الإخفاق :
بعد أن تخرجنا من جامعة الملك فهد ( البترول والمعادن سابقا ) كانت مراكز البحوث تتسابق على خريجي الرياضيات ليعملوا في مجال الحاسب عندهم لأن طالب الرياضيات من أكثر الطلاب تفوقا في مجال الحاسب ورغم وضوح هذا الأمر عند كثير من المتخصصين نجد أن القائمين على تأليف!! مقررات الرياضيات لم يعيروا هذا الجانب أي أهمية رغم ثورة الحاسب والإنترنت حتى أصبح معلم الرياضيات في موقف محرج عندما يسأله طلابه ما علاقة الرياضيات بالواقع فلا يجد إلا الإجابة الساذجة المعروفة التي اعتاد معلموا الرياضيات أن يقولوها لطلابهم .
هذا جانب واحد يبين مدى القصور الذي تعاني منه مقررات الرياضيات عندنا وهنالك جوانب أخرى كثيرة ليس هذا محل بيانها .
قد يظن بعض الناس أن منهج الرياضيات في سنغافورا مثلا يقوم على تطويره حفنة من البيروقراطيين الذين همهم الأكبر المحافظة على مراكزهم ومصادر ثروتهم بل الواقع غير هذا لأن الذين يقومون على تطوير المناهج مؤسسات علمية خاصة عالية المستوى حتى ذاع أمر هذا التفوق في مجال تطوير المنهج حتى أصبحنا نسمع بما يسمى بالرياضيات السنغافورية .

http://www.singaporemath.com/
المقياس الحقيقي :
إذا أردت أن تعرف مدى التفوق في مادة ما فقبل أن تقيس المستوى العلمي في تلك المادة قم بقياس مدى حب المتعلمين لتلك المادة .
أظن أننا لو أجرينا هذا المقياس سنجد أن 90% من الطلاب يكرهون الرياضيات .
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا الرياضيات من بين المواد العلمية الأخرى خاصة إذا علمنا أن كل المواد العلمية لا يمكن لها أن تقوم بدون الرياضيات .

وأخيرا :

أقول لقيادتنا التعليمية أعزهم الله إذا أردتم أن تحلوا مشكلة الرياضيات في المرحلة الثانوية خاصة غيروا المحتوى بالكامل بحيث يتناسب مع بيئتنا الحالية ثم طوروا المحتوى شيئا فشيئا حسب ما يستجد من تطورات ، سيقول البعض المحتوى الموجود هو نفسه المطبق في كل الدول العربية , وحينئذ ليس لي إلا أن أقول هنيئا لكم بمن قارنتم أنفسكم بهم وحتى تعلموا حقيقة الأمر فقد حصل هؤلاء العرب على المراكز المتأخرة في كثير من المسابقات العالمية وأحسنهم حالا اللبنانيون والأردنيون حصلوا على المركز الواحد والثاني والثلاثين في إحدى المسابقات من بين تسعة وأربعين دولة مشاركة .
وحينئذ أقول أيضا إذا استطاع طلابنا في المرحلة الثانوية أن يجمعوا أو يطرحوا كسرين فقد حق لنا أن نهنيء أنفسنا بهذه المناهج .

مشكور على الموضوع الرئع
ةتقبل خالص ودي

مشكوووووووووووور خيو ع الموضوع ويعطيك العافية

مشكووور عالموضووع

يسلموووووكتير
على مروكم الطيف